السبت، 19 أكتوبر 2013
الاثنين، 6 مايو 2013
دراسة أمريكية: 83 في المائة من المغاربة مع تطبيق الشريعة
دراسة أمريكية: 83 في المائة من المغاربة مع تطبيق الشريعة
أعلى نسب التأييد في أفغانستان بـ99 في المائة وأضعفها في أذريبجان بـ8 في المائة
إدريس الموساوي
هل تؤيدون تطبيق الشريعة الإسلامية في بلدانكم؟ سؤال طرحه خبراء «مركز بيو» الأمريكي المتخصص في دراسات وأبحاث الأديان والشعوب، على المسلمين في مناطق متفرقة من العالم، فكان جواب معظم المستجوبين: نعم. وكان جواب المغاربة في هذا الاستطلاع إيجابا بنسبة 83 في المائة.
وكشف «مركز بيو» في دراسة نشرها يوم الثلاثاء الماضي على موقعه على شبكة الانترنت باللغة الإنجليزية، اطلعت عليها «المساء» عن وجود تأييد قوي في معظم الدول الإسلامية لتوسيع مجال تطبيق الشريعة بدل الاكتفاء بالقوانين العصرية، مع التأكيد على وجود تفاوت في نسبة التأييد من دولة إلى أخرى حسب سياقات وأوضاع كل بلد وخصوصية الظرفية التي عاشها خلال فترة إنجاز الدراسة الممتدة بين عامي 2008 و2012. علما أن الدراسة شملت 32 ألف مسلم موزعين على 39 بلدا من شتى أنحاء العالم، وتم إجراء استطلاعات الرأي بأزيد من 80 لغة ولهجة محلية.
ففي الوقت الذي يجد فيه تطبيق الشريعة تأييدا شبه مطلق بنسبة وصلت إلى 99 في المائة، يضعف التأييد لهذا الأمر إلى نسبة جد متواضعة في دولة أذريبدجان الواقعة في منطقة القوقاز إلى 8 في المائة فقط.
وفي المقابل، اعترف معدو الدراسة باندهاشهم لما توصلت إليه أبحاثهم بشأن توجهات الرأي في هذا المجال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وجاء في الدراسة «غير أن الأغلبية الصلبة المؤيدة لتطبيق الشريعة في الدول الإسلامية تتركز بالأساس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
فقد بين تحليل استطلاعات الرأي المجراة أثناء إعداد الدراسة أن تطبيق الشريعة يحظى بتأييد قوي في عدد من الدول العربية. فاللبنانيون يؤيدون هذا الأمر بنسبة مماثلة للمغاربة، أي 92 في المائة، و93 في المائة في تونس، في حين تنقص إلى 89 في المائة في مصر وفلسطين.
توصلت الدراسة أيضا إلى نتائج مثيرة في منطقة الساحل وإفريقيا جنوب الصحراء. إذ بينت أن 72 في المائة من النيجيريين يؤيدون تطبيق الشريعة في بلادهم.
في المقابل، لم تعتبر الدراسة التأييد الكبير الذي تحظى به الشريعة في الدول الإسلامية الأسيوية مفاجأة. إذ تصل نسبة هذا التأييد إلى 96 في المائة في دولة ماليزيا التي تعتبر من الدول الصاعدة اقتصاديا في آسيا، مقابل 93 في المائة في أندونيسيا و84 في المائة في باكستان.
وشددت الدراسة في خلاصاتها النهائية على أن تطبيق الشريعة يلقى تأييدا أكبر لدى المسلمين في القضايا أو الأحوال الشخصية، إضافة إلى العقار.
وبخصوص الجدل المحتدم حاليا حول حكم المرتد في الإسلام، أظهرت الدراسة أن 50 في المائة من مسلمي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يؤيدون تطبيق حكم القتل في حق المرتد عن الإسلام وبنسبة مماثلة تطبيق عقوبة الجلد وقطع يد السارق. غير أن الدراسة حاولت التقليل من أهمية هذا المؤشر بالتأكيد على ضعف التأييد لهذه الأحكام لدى مسلمي باقي مناطق العالم.
وتطرقت الدراسة أيضا للعديد من القضايا محط مناقشة في الدول الإسلامية مثل العنف وتعدد الزوجات. وتوصلت إلى أن 81 في المائة من المسلمين الأمريكيين يرون أن العنف باسم الإسلام غير مبرر. أما تعدد الزوجات فيلقى تأييدا بنسبة 92 في المائة في المغرب، و87 في المائة في النيجر، مقابل وجود نسب ضعيفة جدا تعتبره أمرا غير مقبول.
وأوضحت كذلك أن معظم المسلمين لا يشعرون بوجود تناقض بين الالتزام بديانتهم والحياة العصرية، ويفضلون نظاما ديمقراطيا، ويحبون الموسيقى والأفلام الغربية، حتى وإن كانوا يعتقدون أنها غير أخلاقية.
ففي الوقت الذي يجد فيه تطبيق الشريعة تأييدا شبه مطلق بنسبة وصلت إلى 99 في المائة، يضعف التأييد لهذا الأمر إلى نسبة جد متواضعة في دولة أذريبدجان الواقعة في منطقة القوقاز إلى 8 في المائة فقط.
وفي المقابل، اعترف معدو الدراسة باندهاشهم لما توصلت إليه أبحاثهم بشأن توجهات الرأي في هذا المجال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وجاء في الدراسة «غير أن الأغلبية الصلبة المؤيدة لتطبيق الشريعة في الدول الإسلامية تتركز بالأساس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
فقد بين تحليل استطلاعات الرأي المجراة أثناء إعداد الدراسة أن تطبيق الشريعة يحظى بتأييد قوي في عدد من الدول العربية. فاللبنانيون يؤيدون هذا الأمر بنسبة مماثلة للمغاربة، أي 92 في المائة، و93 في المائة في تونس، في حين تنقص إلى 89 في المائة في مصر وفلسطين.
توصلت الدراسة أيضا إلى نتائج مثيرة في منطقة الساحل وإفريقيا جنوب الصحراء. إذ بينت أن 72 في المائة من النيجيريين يؤيدون تطبيق الشريعة في بلادهم.
في المقابل، لم تعتبر الدراسة التأييد الكبير الذي تحظى به الشريعة في الدول الإسلامية الأسيوية مفاجأة. إذ تصل نسبة هذا التأييد إلى 96 في المائة في دولة ماليزيا التي تعتبر من الدول الصاعدة اقتصاديا في آسيا، مقابل 93 في المائة في أندونيسيا و84 في المائة في باكستان.
وشددت الدراسة في خلاصاتها النهائية على أن تطبيق الشريعة يلقى تأييدا أكبر لدى المسلمين في القضايا أو الأحوال الشخصية، إضافة إلى العقار.
وبخصوص الجدل المحتدم حاليا حول حكم المرتد في الإسلام، أظهرت الدراسة أن 50 في المائة من مسلمي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يؤيدون تطبيق حكم القتل في حق المرتد عن الإسلام وبنسبة مماثلة تطبيق عقوبة الجلد وقطع يد السارق. غير أن الدراسة حاولت التقليل من أهمية هذا المؤشر بالتأكيد على ضعف التأييد لهذه الأحكام لدى مسلمي باقي مناطق العالم.
وتطرقت الدراسة أيضا للعديد من القضايا محط مناقشة في الدول الإسلامية مثل العنف وتعدد الزوجات. وتوصلت إلى أن 81 في المائة من المسلمين الأمريكيين يرون أن العنف باسم الإسلام غير مبرر. أما تعدد الزوجات فيلقى تأييدا بنسبة 92 في المائة في المغرب، و87 في المائة في النيجر، مقابل وجود نسب ضعيفة جدا تعتبره أمرا غير مقبول.
وأوضحت كذلك أن معظم المسلمين لا يشعرون بوجود تناقض بين الالتزام بديانتهم والحياة العصرية، ويفضلون نظاما ديمقراطيا، ويحبون الموسيقى والأفلام الغربية، حتى وإن كانوا يعتقدون أنها غير أخلاقية.
الأحد، 5 مايو 2013
الصناعة التقليدية
الصناعة التقليدية
عرف النشاط الحرفي بجميع أنحاء شمال افريقيا درجة كبيرة من التقدم في عهد الفنيقيين الذين امتزجوا بالأمازيغ الأوائل، وأقاموا حضارة قوية لمدة زمنية طويلة ازدهرت فيها الصناعات المرتبطة أساسا بالعمران كالزليج والنجارة والحدادة والرخاميات والنحاسيات والفضيات وصناعة العجلات الحجرية ثم الخشبية ووسائل الصيد والنقل.
وفي العهد القرطاجي تطورنمط عيش المغاربة الأوائل بشكل كبير، فقد شغلت التجارة معظم النشاط الاقتصادي حيث كان المغاربة يجلبون الرخام والصدف والنحاس والكتان والقطن والمعادن والخشب الممتاز والأحجار الكريمة والعاج والعطور من الجزر الإغريقية ومصر ومن إسبانيا والهند ومن شبه جزيرة العرب، وكانوا يصدرون المنسوجات والأواني الزجاجية والمعادن الثمينة.
كما عرفت الصناعة التقليدية نشاطا متميزا في العهد الروماني الذي ازدهرت فيه صناعة السواقي والنواعير والمطفيات، وتعددت مصانع صهر الحديد وطرقه، ودبغ الجلود، وصناعة القناديل، ونسج الملابس، وصنع الأثاث... وغير ذلك من لوازم الحياة التقليدية وكمالياتها.
وبعد الفتح الإسلامي عرفت بلاد المغرب حضارة وثقافة جديدة، وظهرت صناعات يدوية متطورة، وتطورت أخرى كصناعة النقود مثلا، حيث ضربت الدراهم الأولى باسم إدريس الثاني (181 للهجرة). ومن الناحية العمرانية نشطت حرف تقليدية مرتبطة بهذا الميدان كالنجارة والحدادة والنقش على الحجر والجبص، والزليج والزجاج، وصناعة الرخام.
وتطورت الحرف والفنون التقليدية في عهد المرابطين وفي عهد الموحدين، إذ عرف المغرب حركة عمرانية ونهضة حرفية، وبلغ مرحلة من الازدهار الحرفي على عهد بني مرين، تلتها مرحلة اضمحلال وتدهور في عهد الدولة الوطاسية، غير أنه بتولي المولى أحمد المنصور الذهبي السعدي الحكم (1576م) عمد إلى تنشيط الناحية التجارية لدى سكان البادية وتشجيعهم على أعمال البيع والشراء، وإنعاش الصناعات التقليدية القروية حيث تم إحداث ما سمي بالقرى الصناعية في البادية لأول مرة في تاريخ المغرب.
وكان للوافدين من الأندلس الى المغرب الأفصى تأثير إيجابي على الصناعة التقليدية، إذ استنبطوا المياه وأحدثوا الأرحية الطاحنة بالماء، وعلموا أهل البادية أشياء لم يكونوا يعلمونها.
و تضررت الحرف التقليدية بدخول المغرب في عهد الحماية (1912-1956) نتيجة فقدان المجتمع المغربي لذلك التوازن المتواصل قبل هذه المرحلة بين مدنه وبواديه، فقد سهل نظام الحماية تغلغل نمط الإنتاج الرأسمالي ببنياته الصناعية ومؤسساته التجارية وبضائعه المتنوعة، الأمرالذي انعكس سلبا على الحرف بشكل تدريجي جراء المنافسة غير المتكافئة للتجارة الأوروبية.
الحرف التقليدية
تشمل الحرف التقليدية كل الأنشطة الحرفية التي يمارسها الحرفيون، ومختلف الصنائع والخدمات المعروفة في الوسط المغربي التقليدي، ويمكن اعتبارها أحدى أسس التجارة الداخلية والتبادل بين البوادي والمدن.
الصناعة التقليدية الفنية والإنتاجية
الحرف المتفرعة عن قطاع الجلد
دباغ الزيواني- دباغ - صانع الشربيل – صانع البلغة – صانع الأحذية – صانع النعالة – إسكافي – صانع المشايات – مقشر الجلود – صانع السطرمية أو (تاسوفرا) – صانع السروج – طراز الجلد – البزاطمي – صانع الحقائب والمحفظات والشكارة – خياط الملابس الجلدية – تجليد مختلف المنتجات – الهيادري وصانع الفراء – صانع اللبدة – التسفير و التجليد والتذهيب- تجليد الأرائك والكراسي – صانع الأحزمة – الروابزي – صانع الدمى ومنتجات التزيين .
الحرف المتفرعة عن قطاع الطين والحجر
صانع الخزف – صانع الفخار – صانع القرميد – صانع الفسيفساء - صانع الزليج التقليدي – صانع الزليج العادي – صانع الطوب والبجماط – نقاش الجبص- صباغ الجبص- فراغ الجبص – نقاش الرخام – نقاش على الحجر – نحات على الأحجار شبه الكريمة – صانع الرحى – صانع الجير التقليدي.
الحرف المتفرعة عن قطاع النسيج
غزل الصوف والمواد الأولية المختلفة – نسيج الزرابي – نساج الحايك والخرقات المختلفة – نساج الحنبل- نساج الحنديرة – الدراز – صباغ الصوف والمواد الأخرى – صباغ الخيوط – خياط البدلة – خياط الأفرشة – خياط الجلباب – خياط القفطان – خياط الجبادور – خياط الحقائب والأكياس- صانع وطراز الأحزمة المختلفة – محول خيوط الصوف أو الحرير أوالقطنإلى شباك أو مكرامي – صانع المنتجات بالكروشي – صانع الخريب – صانع خزاين والخيام- صانع الطربوش والقبعات – صانع الحيطي – الطرز بمختلف أنواعه – اللباد.
الحرف المتفرعة عن قطاع المصنوعات النباتية
صانع منتجات من الرتان – صانع منتجات من السوخر (أوزيي)- صانع منتجات نفعية للتزيين من الورق- قصاب الدوم أو سعف النخيل – صانع منتجات من الرافي – صانع الحبال – صانع الشباك – صانع القنب- صانع المنتجات من الفلين – صانع التارازى – برادعي – حصار .
الحرف المتفرعة عن قطاع المعادن
الحداد- صانع المنتجات المعدنية المطروقة أو المرصعة- صانع الشبابيك والهياكل والإطارات المعدنية- صانع البراد- صانع الصينية والتوابع- الفضاض والذهاب- صانع البنادق والمسدسات التقليدية- صانع الخلخال – صانع المضمات- صانع الخواتم والأساور وباقي أنواع الحلي- صانع الخناجر والقلادات المختلفة- النقش على مختلف المعادن- صانع الموازن والمكاييل - صانع الثريات.
نماذج من الصناعة التقليدية
النقش على الجبص
يعتبر النقش على الجبص من إبداع الصناع المغاربة الذين حافظوا على هذا التقليد الأمازيغي العربي الإسلامي وطوروه وبرعوا في إدخال تجديدات وابتكارات، ووضع أشكال وتصاميم رائعة.
وتشتهر المدن العتيقة بفن النقش على الجبص كفاس ومكناس والرباط ومراكش وتازة وتطوان وسلا وطنجة وأكادير، وغيرها من المدن الضاربة في عمق التاريخ.
التزيين والزخرفة
هندسة تقليدية تتسم بالرسوم والزخارف الرائعة، وتتعدد أنماطها وتنتشر لتجدها في المساجد والقصور والحدائق والروض وداخل البيوت، وبالأواني والزرابي، والأنسجة والأدوات المنزلية والتحف الفنية.
وقد استلهم فن الزليج المغربي خصائصه وجماليته من الفسيفساء البيزنطية. أما النقش على الخشب فينحدر من تقاليد عتيقة لاسيما الأندلسية والمشرقية منها وترصيعه والذي يعود لتقاليد قديمة ظهرت في بابل وسوريا القديمة، تنضاف له زخارف الجبص، التي تعد ركيزة من ركائز فنون التزيين المغربي.
أما صناعة النسيج فتعتبر من أقدم وأعرق الحرف التقليدية بالمغرب. وقد مارسها الأمازيغيون الأوائل وأتقنوها قبل احتكاكهم بالحضارة الفنيقية. ومن منتوجات النسيج الخمار واللحاف، والزرابي التي تنتج في مختلف القبائل المغربية وتعتبر أساس الأثاث المنزلي . وتختلف الزربية في المدينة عنها في البادية من حيث الأشكال والألوان.
ومن فروع النسيج الأخرى فن الطرز التقليدي الذي يهم بالأساس الملابس النسائية، وتزيين الأفرشة المنزلية
وتتشكل صناعة المعادن (الصفارة المنزلية) التي تستعمل فيها صفائح النحاس ومادة (الميشور: مزيج من النحاس والنيكل الأبيض) تتشكل من الأواني النحاسية والفضية والبرونزية أحيانا، والمتمثلة في الأباريق والقدور والأطباق والبابور والطست والمهراس والمبخرة والمرشة والصينية.
وللمغرب شهرة واسعة في صناعة الجلد إلى درجة أن هذه الحرفة الأصيلة والنبيلة أصبحت تحمل اسم المغرب( ماروكانري)، وهي حرفة ذات أصالة وعراقة ولها امتداد في تاريخ المغرب. وتستعمل في المصنوعات الجلدية جلود الخرفان والماعز والبقر والجمال بعد مرورها بعملية الدبغ.
ولا تقتصر الصناعات التقليدية على الحرف والمهن المرتبطة أساسا بالحاجيات الضرورية للمجتمع فهناك أيضا صناعات ذات علاقة بعالم الفن ألا وهي صناعة الآلات الموسيقية كآ لة الكمبري وآلات النقر وآلة العود وآلة القانون.
وللصناعة التقليدية أسواق وأحياء. فقد كانت المدن العتيقة تتوفر على أحياء خاصة بالصناع التقليديين، وهوتنظيم تقليدي كان يراعى فيه مجال البيئة. واشتهرت بفاس أحياء مثل النجارين والصفارين والغرابليين والشرابليين. وبالرباط أحياء مثل الدباغين والصياغين وحي صناع الزرابي، وكذلك الشأن بوجدة ومراكش وتطوان والصويرة وآسفي وسلا وجميع المدن التاريخية.
وقد انتقلت الصناعة التقليدية في جل الورشات من صناعة تقليدية بحتة تعتمد على الأدوات والوسائل التقليدية إلى صناعة تقليدية معصرنة تستخدم مع المحافظة على الطابع التقليدي الأصيل المميز لها أدوات ووسائل متطورة.
ويمثل قطاع الصناعة التقليدية 19 في المائة من الناتج الداخلي الخام ويساهم في إعالة ثلث الساكنة المغربية، ويعد أحد مجالات الإبداع المغربي دون منازع وأحد أعمدة النشاط الاقتصادي بالمملكة.
إلا أن هذا القطاع ، الذي يعد ثاني أكبر مشغل لليد العاملة بالمملكة بعد الفلاحة، يمر بفترة صعبة إلى درجة يتحدث فيها المهنيون عن قرب اندثار مهارة متوارثة عبر قرون، وذلك بالنظر إلى الصعوبة التي أصبح يجدها في استقطاب يد عاملة شابة باتت تفضل مهنا أخرى تغري بمدخول أفضل. وبالرغم من هذه الأزمة، التي تجد مبررها، بالخصوص، في قلة اهتمام الزبناء التقليديين المغاربة، فإن الفضل في بقاء العديد من الحرف التقليدية يرجع للزوار الأجانب الذين يقبلون على هذا المنتوج التقليدي المغربي بشغف كبير. ولا زالت الصناعة التقليدية، بكل أصنافها، تشكل قوة اقتصادية مهمة، وكانت تساهم قبل الحماية في ضمان دينامية اقتصادية ونوع من التكافل الإجتماعي إلا أن السلطات الاستعمارية منحتها إبان الحماية صبغة ثقافية وحالت بالتالي دون بروزها كصناعة قائمة الذات.
كما عرفت الصناعة التقليدية نشاطا متميزا في العهد الروماني الذي ازدهرت فيه صناعة السواقي والنواعير والمطفيات، وتعددت مصانع صهر الحديد وطرقه، ودبغ الجلود، وصناعة القناديل، ونسج الملابس، وصنع الأثاث... وغير ذلك من لوازم الحياة التقليدية وكمالياتها.
وبعد الفتح الإسلامي عرفت بلاد المغرب حضارة وثقافة جديدة، وظهرت صناعات يدوية متطورة، وتطورت أخرى كصناعة النقود مثلا، حيث ضربت الدراهم الأولى باسم إدريس الثاني (181 للهجرة). ومن الناحية العمرانية نشطت حرف تقليدية مرتبطة بهذا الميدان كالنجارة والحدادة والنقش على الحجر والجبص، والزليج والزجاج، وصناعة الرخام.
وتطورت الحرف والفنون التقليدية في عهد المرابطين وفي عهد الموحدين، إذ عرف المغرب حركة عمرانية ونهضة حرفية، وبلغ مرحلة من الازدهار الحرفي على عهد بني مرين، تلتها مرحلة اضمحلال وتدهور في عهد الدولة الوطاسية، غير أنه بتولي المولى أحمد المنصور الذهبي السعدي الحكم (1576م) عمد إلى تنشيط الناحية التجارية لدى سكان البادية وتشجيعهم على أعمال البيع والشراء، وإنعاش الصناعات التقليدية القروية حيث تم إحداث ما سمي بالقرى الصناعية في البادية لأول مرة في تاريخ المغرب.
وكان للوافدين من الأندلس الى المغرب الأفصى تأثير إيجابي على الصناعة التقليدية، إذ استنبطوا المياه وأحدثوا الأرحية الطاحنة بالماء، وعلموا أهل البادية أشياء لم يكونوا يعلمونها.
و تضررت الحرف التقليدية بدخول المغرب في عهد الحماية (1912-1956) نتيجة فقدان المجتمع المغربي لذلك التوازن المتواصل قبل هذه المرحلة بين مدنه وبواديه، فقد سهل نظام الحماية تغلغل نمط الإنتاج الرأسمالي ببنياته الصناعية ومؤسساته التجارية وبضائعه المتنوعة، الأمرالذي انعكس سلبا على الحرف بشكل تدريجي جراء المنافسة غير المتكافئة للتجارة الأوروبية.
الحرف التقليدية
تشمل الحرف التقليدية كل الأنشطة الحرفية التي يمارسها الحرفيون، ومختلف الصنائع والخدمات المعروفة في الوسط المغربي التقليدي، ويمكن اعتبارها أحدى أسس التجارة الداخلية والتبادل بين البوادي والمدن.
الصناعة التقليدية الفنية والإنتاجية
الحرف المتفرعة عن قطاع الجلد
دباغ الزيواني- دباغ - صانع الشربيل – صانع البلغة – صانع الأحذية – صانع النعالة – إسكافي – صانع المشايات – مقشر الجلود – صانع السطرمية أو (تاسوفرا) – صانع السروج – طراز الجلد – البزاطمي – صانع الحقائب والمحفظات والشكارة – خياط الملابس الجلدية – تجليد مختلف المنتجات – الهيادري وصانع الفراء – صانع اللبدة – التسفير و التجليد والتذهيب- تجليد الأرائك والكراسي – صانع الأحزمة – الروابزي – صانع الدمى ومنتجات التزيين .
الحرف المتفرعة عن قطاع الطين والحجر
صانع الخزف – صانع الفخار – صانع القرميد – صانع الفسيفساء - صانع الزليج التقليدي – صانع الزليج العادي – صانع الطوب والبجماط – نقاش الجبص- صباغ الجبص- فراغ الجبص – نقاش الرخام – نقاش على الحجر – نحات على الأحجار شبه الكريمة – صانع الرحى – صانع الجير التقليدي.
الحرف المتفرعة عن قطاع النسيج
غزل الصوف والمواد الأولية المختلفة – نسيج الزرابي – نساج الحايك والخرقات المختلفة – نساج الحنبل- نساج الحنديرة – الدراز – صباغ الصوف والمواد الأخرى – صباغ الخيوط – خياط البدلة – خياط الأفرشة – خياط الجلباب – خياط القفطان – خياط الجبادور – خياط الحقائب والأكياس- صانع وطراز الأحزمة المختلفة – محول خيوط الصوف أو الحرير أوالقطنإلى شباك أو مكرامي – صانع المنتجات بالكروشي – صانع الخريب – صانع خزاين والخيام- صانع الطربوش والقبعات – صانع الحيطي – الطرز بمختلف أنواعه – اللباد.
الحرف المتفرعة عن قطاع المصنوعات النباتية
صانع منتجات من الرتان – صانع منتجات من السوخر (أوزيي)- صانع منتجات نفعية للتزيين من الورق- قصاب الدوم أو سعف النخيل – صانع منتجات من الرافي – صانع الحبال – صانع الشباك – صانع القنب- صانع المنتجات من الفلين – صانع التارازى – برادعي – حصار .
الحرف المتفرعة عن قطاع المعادن
الحداد- صانع المنتجات المعدنية المطروقة أو المرصعة- صانع الشبابيك والهياكل والإطارات المعدنية- صانع البراد- صانع الصينية والتوابع- الفضاض والذهاب- صانع البنادق والمسدسات التقليدية- صانع الخلخال – صانع المضمات- صانع الخواتم والأساور وباقي أنواع الحلي- صانع الخناجر والقلادات المختلفة- النقش على مختلف المعادن- صانع الموازن والمكاييل - صانع الثريات.
نماذج من الصناعة التقليدية
النقش على الجبص
يعتبر النقش على الجبص من إبداع الصناع المغاربة الذين حافظوا على هذا التقليد الأمازيغي العربي الإسلامي وطوروه وبرعوا في إدخال تجديدات وابتكارات، ووضع أشكال وتصاميم رائعة.
وتشتهر المدن العتيقة بفن النقش على الجبص كفاس ومكناس والرباط ومراكش وتازة وتطوان وسلا وطنجة وأكادير، وغيرها من المدن الضاربة في عمق التاريخ.
التزيين والزخرفة
هندسة تقليدية تتسم بالرسوم والزخارف الرائعة، وتتعدد أنماطها وتنتشر لتجدها في المساجد والقصور والحدائق والروض وداخل البيوت، وبالأواني والزرابي، والأنسجة والأدوات المنزلية والتحف الفنية.
وقد استلهم فن الزليج المغربي خصائصه وجماليته من الفسيفساء البيزنطية. أما النقش على الخشب فينحدر من تقاليد عتيقة لاسيما الأندلسية والمشرقية منها وترصيعه والذي يعود لتقاليد قديمة ظهرت في بابل وسوريا القديمة، تنضاف له زخارف الجبص، التي تعد ركيزة من ركائز فنون التزيين المغربي.
أما صناعة النسيج فتعتبر من أقدم وأعرق الحرف التقليدية بالمغرب. وقد مارسها الأمازيغيون الأوائل وأتقنوها قبل احتكاكهم بالحضارة الفنيقية. ومن منتوجات النسيج الخمار واللحاف، والزرابي التي تنتج في مختلف القبائل المغربية وتعتبر أساس الأثاث المنزلي . وتختلف الزربية في المدينة عنها في البادية من حيث الأشكال والألوان.
ومن فروع النسيج الأخرى فن الطرز التقليدي الذي يهم بالأساس الملابس النسائية، وتزيين الأفرشة المنزلية
وتتشكل صناعة المعادن (الصفارة المنزلية) التي تستعمل فيها صفائح النحاس ومادة (الميشور: مزيج من النحاس والنيكل الأبيض) تتشكل من الأواني النحاسية والفضية والبرونزية أحيانا، والمتمثلة في الأباريق والقدور والأطباق والبابور والطست والمهراس والمبخرة والمرشة والصينية.
وللمغرب شهرة واسعة في صناعة الجلد إلى درجة أن هذه الحرفة الأصيلة والنبيلة أصبحت تحمل اسم المغرب( ماروكانري)، وهي حرفة ذات أصالة وعراقة ولها امتداد في تاريخ المغرب. وتستعمل في المصنوعات الجلدية جلود الخرفان والماعز والبقر والجمال بعد مرورها بعملية الدبغ.
ولا تقتصر الصناعات التقليدية على الحرف والمهن المرتبطة أساسا بالحاجيات الضرورية للمجتمع فهناك أيضا صناعات ذات علاقة بعالم الفن ألا وهي صناعة الآلات الموسيقية كآ لة الكمبري وآلات النقر وآلة العود وآلة القانون.
وللصناعة التقليدية أسواق وأحياء. فقد كانت المدن العتيقة تتوفر على أحياء خاصة بالصناع التقليديين، وهوتنظيم تقليدي كان يراعى فيه مجال البيئة. واشتهرت بفاس أحياء مثل النجارين والصفارين والغرابليين والشرابليين. وبالرباط أحياء مثل الدباغين والصياغين وحي صناع الزرابي، وكذلك الشأن بوجدة ومراكش وتطوان والصويرة وآسفي وسلا وجميع المدن التاريخية.
وقد انتقلت الصناعة التقليدية في جل الورشات من صناعة تقليدية بحتة تعتمد على الأدوات والوسائل التقليدية إلى صناعة تقليدية معصرنة تستخدم مع المحافظة على الطابع التقليدي الأصيل المميز لها أدوات ووسائل متطورة.
ويمثل قطاع الصناعة التقليدية 19 في المائة من الناتج الداخلي الخام ويساهم في إعالة ثلث الساكنة المغربية، ويعد أحد مجالات الإبداع المغربي دون منازع وأحد أعمدة النشاط الاقتصادي بالمملكة.
إلا أن هذا القطاع ، الذي يعد ثاني أكبر مشغل لليد العاملة بالمملكة بعد الفلاحة، يمر بفترة صعبة إلى درجة يتحدث فيها المهنيون عن قرب اندثار مهارة متوارثة عبر قرون، وذلك بالنظر إلى الصعوبة التي أصبح يجدها في استقطاب يد عاملة شابة باتت تفضل مهنا أخرى تغري بمدخول أفضل. وبالرغم من هذه الأزمة، التي تجد مبررها، بالخصوص، في قلة اهتمام الزبناء التقليديين المغاربة، فإن الفضل في بقاء العديد من الحرف التقليدية يرجع للزوار الأجانب الذين يقبلون على هذا المنتوج التقليدي المغربي بشغف كبير. ولا زالت الصناعة التقليدية، بكل أصنافها، تشكل قوة اقتصادية مهمة، وكانت تساهم قبل الحماية في ضمان دينامية اقتصادية ونوع من التكافل الإجتماعي إلا أن السلطات الاستعمارية منحتها إبان الحماية صبغة ثقافية وحالت بالتالي دون بروزها كصناعة قائمة الذات.
سجلماسة أو أيقونة العصر الوسيط
سجلماسة أو أيقونة العصر الوسيط
الرشيدية - بموقعها الاستراتيجي المتميز بالجنوب الشرقي للمغرب٬ شكلت مدينة سجلماسة على مدى التاريخ ملتقى للحضارات والتلاقح الثقافي٬ لم يتبقى منها اليوم سوى رسوم وأطلال ستظل شاهدة على عظمة الحضارة والتاريخ المغربي.
فقد اعتبرت سجلماسة٬ التي أضحى لسان حالها اليوم يردد قول الشاعر الجاهلي امرؤ القيس "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل.."٬ من المدن التاريخية العريقة ٬ فهي المدينة التي أسست سنة 140هíœ ٬ حسب العديد من المصادر التاريخية الوسيطية٬ بل تعتبر أول مدينة إسلامية في الغرب الإسلامي بعد القيروان .
فبموقعها الاستراتيجي الذي كان يربط بين السودان الغربي وشمال المغرب عبر فاس ومراكش٬ وشرق المغرب العربي عبر تلمسان ٬ شكلت هذه المدينة أول محطة للقوافل التجارية القادمة من السودان ٬ وآخر محطة تجارية بالنسبة للقوافل القادمة من شمال وشرق المغرب تجاه تومبكتو٬ لذلك كانت ضمن أكبر الأسواق التجارية في الغرب الإسلامي.
ولعل في وصف الرحالة المغربي ابن بطوطة وليون الإفريقي ولسان الدين بن الخطيب وغيرهم ما يؤكد على الدور الاقتصادي المهم الذي كان لهذه المدينة٬ والمستوى الحضاري الراقي الذي وصلت إليه ٬ حيث امتزجت عدد من الحضارات الإفريقية والمشرقية و الأندلسية و المحلية ... لتعطي حضارة متميزة٬ من حيث التعايش بين مكونات المجتمع الفيلالي/السجلماسي من عرب وأمازيغ ويهود وأندلسيين وأفارقة وغيرهم.
وإلى جانب التجارة عرفت سجلماسة /تافيلالت تطورا علميا من خلال ما يقدم في مسجدها الجامع بالقصبة السجلماسية على سبيل المثال٬ من علوم ومحاضرات كان يلقيها عدد من العلماء والفقهاء. فكانت مدرسة عامرة بالعلم٬ ومعهدا مليئا بالدرس والتحصيل٬ إلى جانب مدارسها العديدة٬ التي تستقبل الطلاب الوافدين عليها من الآفاق البعيدة.
كما تعتبر سجلماسة أول مدينة في المغرب درس بها علم البيان من طرف الفقيه والعالم الشريف الحسن بن القاسم القادم من ينبوع النخيل في العهد المريني٬ مما أعطى للمدينة شهرة كبيرة جعلها قبلة لطلاب العلم ولعدد من العلماء٬ ولعل كتاب "الدرر البهية" لمؤلفه مولاي ادريس الفضيلي يقدم الشيء الكثير عن هذه المدينة ٬ من الناحية العلمية والازدهار العلمي الذي كان بها٬ إلى جانب عدد من المصادر والمراجع٬ التي كتبت الكثير عن تاريخ وحضارة هذه المدينة.
وقلما يخلو مؤلف في التاريخ العام أو الخاص ٬ وكذا كتب الجغرافية٬ من ذكر سجلماسة - بسطا أو اختصاراً - باعتبارها مدينة سياسية واقتصادية وعلمية غير أن هذه الذاكرة التاريخية وهذا الموروث الحضاري وخاصة الموقع الاثري لسجلماسة أصبح اليوم عرضة للاندثار والخراب ذلك أنه يتم تدمير ما تبقى من معالم عمرانية في هذا الموقع المعروف محليا ب" المدينة العامرة ".
وحسب محمد أمراني علوي٬ باحث في التاريخ٬ فإنه يصعب اليوم على الباحثين والأركيولوجيين والمؤرخين القيام ببحوث ميدانية للتنقيب وكشف الحقائق التاريخية التي أوردتها مختلف المصادر عن هذه المدينة التاريخية.
ودعا السيد أمراني٬ في هذا الاطار٬ إلى حماية هذا الموقع الأثري على اعتبار أنه يشكل التراث الانساني والحضاري لمجتمع سجلماسي/ فيلالي ٬ خصوصا وأنه تم اكتشاف عدد من الحفريات الأركيولوجية التي أظهرت عدة حقائق تاريخية.
ولعل هذا ما يفرض٬ يضيف الباحث٬ على السلطات المعنية تأهيل الموقع الأثري لهذه المدينة٬ حتى لا يتم تدمير ما تبقى منه٬ وبالتالي فقدان جزء من الذاكرة التاريخية٬ ولا يتم هذا إلا بتوفير آليات الحماية والحفاظ الضروريتين وعدم السماح بتوسيع المجال العمراني على حساب هذا الموروث الحضاري٬ فضلا عن تشجيع الباحثين والمهتمين بالتراث والذاكرة المحلية للكشف والتعريف بكل المعالم الحضارية والتراثية لسجلماسة٬ حتى توظف في تحقيق التنمية المنشودة٬ والعمل على طبع البحوث والدراسات التي أنجزت حول هذه المدينة التاريخية.
ولتحقيق اشعاع ثقافي يعيد لهذه المدينة مجدها الغابر يتعين ٬ يضيف الباحث٬ تنظيم مهرجان سنوي خاص بسجلماسة ٬ يساهم في التعريف بحضارتها وتراثها المعماري والشفوي٬ وبذلك سيتم الحفاظ على هذا الموروث الإنساني واستغلاله في التنمية المحلية على المستوى الاقتصادي.
ودعا في هذا الاطار إلى ضرورة انخراط كافة المعنيين والمهتمين بالتراث السجلماسي/ الفيلالي من باحثين وفنانين وجمعيات المجتمع المدني ومنتخبين خدمة لهذا التراث الذي طاله النسيان.
فبموقعها الاستراتيجي الذي كان يربط بين السودان الغربي وشمال المغرب عبر فاس ومراكش٬ وشرق المغرب العربي عبر تلمسان ٬ شكلت هذه المدينة أول محطة للقوافل التجارية القادمة من السودان ٬ وآخر محطة تجارية بالنسبة للقوافل القادمة من شمال وشرق المغرب تجاه تومبكتو٬ لذلك كانت ضمن أكبر الأسواق التجارية في الغرب الإسلامي.
ولعل في وصف الرحالة المغربي ابن بطوطة وليون الإفريقي ولسان الدين بن الخطيب وغيرهم ما يؤكد على الدور الاقتصادي المهم الذي كان لهذه المدينة٬ والمستوى الحضاري الراقي الذي وصلت إليه ٬ حيث امتزجت عدد من الحضارات الإفريقية والمشرقية و الأندلسية و المحلية ... لتعطي حضارة متميزة٬ من حيث التعايش بين مكونات المجتمع الفيلالي/السجلماسي من عرب وأمازيغ ويهود وأندلسيين وأفارقة وغيرهم.
وإلى جانب التجارة عرفت سجلماسة /تافيلالت تطورا علميا من خلال ما يقدم في مسجدها الجامع بالقصبة السجلماسية على سبيل المثال٬ من علوم ومحاضرات كان يلقيها عدد من العلماء والفقهاء. فكانت مدرسة عامرة بالعلم٬ ومعهدا مليئا بالدرس والتحصيل٬ إلى جانب مدارسها العديدة٬ التي تستقبل الطلاب الوافدين عليها من الآفاق البعيدة.
كما تعتبر سجلماسة أول مدينة في المغرب درس بها علم البيان من طرف الفقيه والعالم الشريف الحسن بن القاسم القادم من ينبوع النخيل في العهد المريني٬ مما أعطى للمدينة شهرة كبيرة جعلها قبلة لطلاب العلم ولعدد من العلماء٬ ولعل كتاب "الدرر البهية" لمؤلفه مولاي ادريس الفضيلي يقدم الشيء الكثير عن هذه المدينة ٬ من الناحية العلمية والازدهار العلمي الذي كان بها٬ إلى جانب عدد من المصادر والمراجع٬ التي كتبت الكثير عن تاريخ وحضارة هذه المدينة.
وقلما يخلو مؤلف في التاريخ العام أو الخاص ٬ وكذا كتب الجغرافية٬ من ذكر سجلماسة - بسطا أو اختصاراً - باعتبارها مدينة سياسية واقتصادية وعلمية غير أن هذه الذاكرة التاريخية وهذا الموروث الحضاري وخاصة الموقع الاثري لسجلماسة أصبح اليوم عرضة للاندثار والخراب ذلك أنه يتم تدمير ما تبقى من معالم عمرانية في هذا الموقع المعروف محليا ب" المدينة العامرة ".
وحسب محمد أمراني علوي٬ باحث في التاريخ٬ فإنه يصعب اليوم على الباحثين والأركيولوجيين والمؤرخين القيام ببحوث ميدانية للتنقيب وكشف الحقائق التاريخية التي أوردتها مختلف المصادر عن هذه المدينة التاريخية.
ودعا السيد أمراني٬ في هذا الاطار٬ إلى حماية هذا الموقع الأثري على اعتبار أنه يشكل التراث الانساني والحضاري لمجتمع سجلماسي/ فيلالي ٬ خصوصا وأنه تم اكتشاف عدد من الحفريات الأركيولوجية التي أظهرت عدة حقائق تاريخية.
ولعل هذا ما يفرض٬ يضيف الباحث٬ على السلطات المعنية تأهيل الموقع الأثري لهذه المدينة٬ حتى لا يتم تدمير ما تبقى منه٬ وبالتالي فقدان جزء من الذاكرة التاريخية٬ ولا يتم هذا إلا بتوفير آليات الحماية والحفاظ الضروريتين وعدم السماح بتوسيع المجال العمراني على حساب هذا الموروث الحضاري٬ فضلا عن تشجيع الباحثين والمهتمين بالتراث والذاكرة المحلية للكشف والتعريف بكل المعالم الحضارية والتراثية لسجلماسة٬ حتى توظف في تحقيق التنمية المنشودة٬ والعمل على طبع البحوث والدراسات التي أنجزت حول هذه المدينة التاريخية.
ولتحقيق اشعاع ثقافي يعيد لهذه المدينة مجدها الغابر يتعين ٬ يضيف الباحث٬ تنظيم مهرجان سنوي خاص بسجلماسة ٬ يساهم في التعريف بحضارتها وتراثها المعماري والشفوي٬ وبذلك سيتم الحفاظ على هذا الموروث الإنساني واستغلاله في التنمية المحلية على المستوى الاقتصادي.
ودعا في هذا الاطار إلى ضرورة انخراط كافة المعنيين والمهتمين بالتراث السجلماسي/ الفيلالي من باحثين وفنانين وجمعيات المجتمع المدني ومنتخبين خدمة لهذا التراث الذي طاله النسيان.
و م ع - علي الحسني العلوي
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
نظرية زوبعة الفراشه
نظرية زوبعة الفراشة ، المعروفة أيضًا باسم تأثير الفراشة (Butterfly Effect) ، هي مفهوم في نظرية الفوضى (Chaos Theory) يشير إلى أن تغيرًا ص...
-
ـ تحليل نموذج كروبر وفيلمور: من كتاب المعجم العربي للفاسي الفهري www.facebook.com/tarik.thitah يستطيع المعجم أن يزود...
-
1 ـ المعـجـم: كانت صناعة المعاجم عبر التاريخ دليل يقظة وعلامة احترام الأقوام للغاتهم وحفظها من الضياع حتى لا يفقد التاريخ حلقات حضا...
-
رواية "مدن الملح" هي عمل أدبي شهير للكاتب الأردني عبد الرحمن منيف، وهي من أهم الروايات العربية التي تتناول التحولات الاجتماعية وا...