II ـ
موضوع علم الصـرف:
"يختص علم الصرف بدراسة الاسم المتمكن أي المعرب
الذي يمكن تصريفه واشتقاقه، والفعل المتصرف المشتق وهو ما اختلفت صورته لاختلاف
زمانه أما الأمور التي ليست من موضوع علم الصرف فهي الأسماء المبنية كالضمائر
والأسماء الموصولة وأسماء الاستفهام وأسماء الشرط بالإضافة إلى الأفعال الجامدة
والحروف والأسماء الأعجمية وصيغ التعجب"([1]).
ويرى جل علماء الصرف أن علم الصرف يجب أن يقدم على غيره
من علوم العربية وهذا ما نص عليه الأستربادي في الشافية بقوله "... لأن معرفة
ذوات الكلم في أنفسها من غير تركيب تكون مقدمة على معرفة أحوال الكلم التي تكون له
بعد التركيب".
ويضيف ابن جني في نفس السياق "فالتصريف إنما هو
لمعرفة أنفس الكلم الثابتة والنحو هو لمعرفة أحواله المتنقلة ألا ترى أنك إذا قلت
قام بكر، ورأيت بكرا ومررت ببكر فإنك إنما خالفت بين حركات حروف الإعراب لاختلاف
العامل ولم تعرض لباقي الكلمة وإذا كان ذلك كذلك فقد كان من الواجب على من أراد
معرفة النحو أن يبدأ بمعرفة التصريف لأن معرفة ذات الشيء الثابتة ينبغـي أن يكون
أصلا لمعرفة حاله المتنقلة إلا أن هذا الضرب من العلم لما كان عويـصا صعبا بدئ
قبله بمعرفة النحـو ثم جيء بعده ليكون الارتـباط في النحو موطنا للدخـول فيه
ومعينا على معرفة أغراضه ومعانيه وعلى تصرف حاله"([2]).
فكلام ابن جني يظهر نوعا من الاختلاف والتناقض بين ما نص
عليه في الشق الأول وفي الشق الثاني إلا أنه سرعان ما استدرك التناقض الموجود في
كلامه ونص في الأخير أن علم الصرف أخر نظرا لصعوبة دراسته فكان من الواجب أن يدرس
النحو أولا.
وعند دراستنا للمبني لغير الفاعل في صيغته الصرفية
سنلاحظ أن هناك الكثير من المسائل الخلافية حول صيغة فعل فقد اعتقد البعض أن هذه
الصيغة هي المميزة للمبني لغير الفاعل في حين أنكر آخرون أن تكون خاصة به وقدم بعض
اللغويين المتأخرين الكثير من الأمثلة التي قد تبدو في صيغتها مبنية للمبنى لغير
الفاعل في حين أن معناها مختلف وقد دلت هذه الأفعال على حالات ثابتة وغير ثابتة
وعلى صفات وسجايا (عُرج، عُوِر، زكم، جن، سل...) وهذه الصيغ ليست مبنية للمجهول
كما ادعى البعض وهذا ما حاول أن ينبه إليه اللغويون المتأخرون ودليلهم أن هذه
الأفعال وغيرها جاءت في صيغة المبني لغير الفاعل في الصيغة اللفظية لا في المعنى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق